الوحدة الوطنية: صمّام أمان في وجه الأزمات

‎بقلم: الدكتورة سعاد ياسين
‎
في خضمّ التحديات التي يشهدها العالم، تبقى الوحدة الوطنية الدرع الأول والحصن المتين الذي تتكئ عليه الدول للحفاظ على أمنها واستقرارها وهويتها الجامعة. فليست وحدة الأرض وحدها ما يصنع الأوطان، بل وحدة القلوب والمصير والرؤية المشتركة، التي تجمع أبناء الوطن الواحد تحت راية الولاء والانتماء، مهما اختلفت مشاربهم أو تنوعت خلفياتهم.

لقد أثبتت الأزمات الكبرى – من نزاعات إقليمية إلى كوارث صحية واقتصادية – أن الشعوب الموحدة هي الأقدر على تجاوز المحن، لأنها تستند إلى رصيد من الثقة والوعي والولاء المشترك. وحين يتعرض الوطن لأي تهديد، لا يكون السلاح الأقوى في وجهه هو العتاد فقط، بل هو تماسك الجبهة الداخلية، والوعي الجمعي بأهمية التلاحم الوطني.

الوحدة الوطنية لا تعني إلغاء التعدد، بل تعني إدارته بعدالة وحكمة. فهي تقوم على احترام الاختلاف، واحتضان التنوع، والعمل على توحيد الصفوف في إطار مشروع وطني جامع، يرتكز على المواطنة المتساوية، وسيادة القانون، وقيم الاحترام المتبادل.

ومن هنا، فإن دور كل فرد في المجتمع يصبح محوريًا في حماية هذا النسيج الوطني.

فالمواطنة الحقيقية ليست انتماءً قانونيًا فقط، بل هي ممارسة يومية تعكسها الأفعال والمواقف، وتترسخ عبر تعزيز ثقافة الحوار، ونبذ الفرقة، والتصدي لكل محاولات التشكيك أو العبث بالنسيج الاجتماعي.

وفي مملكة البحرين، كانت الوحدة الوطنية دومًا صمّام الأمان في مواجهة التحديات، وأساسًا للاستقرار والتنمية. وقد تجلت في أسمى صورها خلال الأزمات المختلفة،

حيث توحدت القيادة والشعب بروح مسؤولة، وقدموا نموذجًا يُحتذى به في التماسك والتكاتف والتسامح.

إن الحفاظ على وحدتنا الوطنية واجب دائم، يتجاوز الشعارات والمناسبات، ليصبح ممارسة حقيقية نغرسها في أبنائنا، ونرسخها في مؤسساتنا، ونجسدها في خطابنا وثقافتنا العامة. فليس هناك ما يستحق أن نختلف عليه إذا كان الوطن هو الهدف والغاية.

فلنحفظ وحدتنا، فهي مفتاح أمننا، وسر قوتنا، وبها نواجه الحاضر ونبني المستقبل بثقة وثبات.
‎
الدكتورة سعاد ياسين
دكتوراه في القانون العام – الدستوري، محامية وخبيرة في حقوق الإنسان والقانون الدولي العام، رياضية ومُحكّمة دولية معتمدة.

Related posts

Leave a Comment